بسم الله الرحمن الرحيم
سيول الرياض .. مركزية القرار
د. ابو صلوح
الحوار الذي تم بين أمين منطقة الرياض والشيخ سلمان العودة في برنامجه ''الحياة كلمة'' حول سيول الرياض ينم عن أدب رفيع للنقاش ويعكس حالة من التحضر والشفافية والانفتاح. لقد شرفت بمعرفتي بالكريمين حق المعرفة, وكلا الفاضلين قمة في الخلق والعلم والتواضع وحب الناس، يشغلهما الهم العام وتحقيق المصلحة العامة وإن اختلفا، فهو في الطرح وتوقيته، والاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية، وكان ذلك واضحا في صراحة المداخلة بلطف، وسرعة الرد بتعقل, إلا أن البعض قرأ مداخلة الأمين قراءة خاطئة، خاصة أولئك الذين لديهم أحكام مسبقة ويرون الأمور من منظور عاطفي وميل شخصي دون موضوعية وحيادية. هناك من تأخذه الحماسة ليصطف مع الآخرين, همه الانتقاد وإظهار السلبيات والمسارعة في نشر الأخطاء، وليس البحث عن حلول ومعالجات. وها نحن نرى أن كثيرا من نقاشاتنا حول القضايا العامة، وقد تحولت إلى شخصنة ومهاترات وسجالات لا طائل من ورائها، تارة مبنية على معلومات مغلوطة وشائعات مغرضة وتارة على أساس أيدولوجي منغلق دون محاولة تفهم الوضع على حقيقته والبحث عن حلول تنفع الناس. المشكلات والأزمات ليست من نصيب مجتمع دون آخر لكن الفرق بين المجتمعات هو في قدراتها على إدارة الاختلاف واستخلاص العبر والدروس من التجربة والعمل على معالجتها. ومع ذلك نجد دولا كثيرة تصيبها الأزمات على حين غرة دون حول منها ولا قوة، فهذا إعصار تسونامي التهم كل شيء في لحظات لكنه ما زال حاضرا في الأذهان، وقد يقول قائل هذا في بلد نام لا يملك العدة والعتاد، إذا فما بال إعصار كاترينا الذي ضرب الجزء الجنوبي من الولايات المتحدة لتقف الحكومة الفيدرالية مكتوفة الأيدي تتهم بالإهمال وعدم أخذ الحيطة والإنذار المبكر، وهناك الكثير الذي حدث ويحدث وسيحدث في كل زاوية من زوايا هذا العالم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. هذا ليس من باب تبرير الخطأ بالخطأ أو التخفيف من وقع المشكلة، ولكن من باب القياس ليكون تقديرنا للأمور واقعيا، فالشخص منا لا يعرف أنه طويل أو قصير حتى يقف بجانب شخص آخر. لا أحد ينكر أن هناك أخطاء وقصورا، فنحن لسنا مجتمعا ملائكيا يعترينا ما يعتري المجتمعات الأخرى. كما أن هذه الأخطاء لم يحاول أحد إخفاءها أو التستر عليها، فهذا أمين منطقة الرياض وبحس المسؤولية الاجتماعية قبل الرسمية يسارع في توضيح ملابسات الحدث للإعلام والأسباب الحقيقية وتداعياتها.
هناك من يبحث عن توجيه النقد واللوم بمبرر أو دونه بقصد التقليل من جهد الآخرين والنيل منهم أو المزايدة على وطنيتهم أو حب الظهور والإعلان عن النفس. هؤلاء يرون النجاح في خسارة الآخرين فيفرحون لإخفاقاتهم ويحزنهم نجاحاتهم ولذا هم ينشغلون بالآخرين دون السعي في تطوير أنفسهم التي هي أساس الإصلاح الاجتماعي. ولو أن كل واحد منا اجتهد في دائرة تأثيره صغرت أم كبرت وانشغل في أداء مسؤولياته بكفاءة وفاعلية لكنا أقل حدة في طرحنا وأكثر تفهما للآخرين ولتولد لدينا رؤية مشتركة وترابط اجتماعي أكبر وتنمية اقتصادية أفضل. نحن جميعا نعيش في السفينة نفسها والعمل الحكومي هو في جوهرة عمل جماعي يحتاج إلى جهود الجميع ومن الخطأ اختزال المسؤولية في السلطة العامة، فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته. الأمانة عملت الكثير لسكان العاصمة، وقامت بأدوار كبيرة تعدت بكثير حيز مسؤولياتها بأسلوب إبداعي، وهي مشاريع يحسها وينعم بها كل من سكن الرياض وزارها. المشاريع لا تتوقف عند تقديم الخدمات البلدية الاعتيادية والاهتمام بالصحة العامة ونظافة المدينة وإقامة الأنشطة الترفيهية بل تجاوزها إلى التنمية الثقافية وإحداث نقلة نوعية في المجتمع المحلي وتناول قضاياه الجوهرية عبر المؤتمرات والندوات والفعاليات الثقافية. بل سعت إلى تطوير البنى التحتية بإصدار وتطبيق نظام الخدمات المتكاملة في جميع المخططات الجديدة. هذا كله كان كافيا أن يبني رصيدا عاطفيا لدى العموم وأن يسهم في تفهم الأزمة وملابساتها وحسن الظن بالأمانة في البحث جديا وبحيادية وبموضوعية عن الأسباب الحقيقية للمشكلة وتفاصيلها. لكن بعض التعليقات كانت سلبية وجارحة وكأن القوم يتحينون الفرصة للنيل من الأمانة التي بذلت الكثير من أجلهم. وهذه مفارقة عجيبة تؤكد أننا ما زلنا نركز على النقطة السوداء في الورقة البيضاء! أي أننا نهتم بإبراز السلبيات التي هي الاستثناء دون النظر إلى قائمة الإنجازات الطويلة والمتميزة.
السيول التي تعرضت لها الرياض ومن قبلها جدة ليست هي المشكلة في حد ذاتها، وإنما أسلوب إدارة المدن عبر قطاعات حكومية متعددة ومركزية وبيروقراطية شديدة، وليس هيئة محلية واحدة. إننا في حاجة إلى الموازنة بين مسؤوليات الأمانات (البلديات) والصلاحيات الممنوحة لها، وإعادة صياغة النظام الإداري والمالي العام ليكون أكثر مرونة وفاعلية واستجابة للمستجدات والتأسيس لنظام للإدارة المحلية يحدد أدوار الهيئات المحلية، ويوحد مرجعياتها ويحدد علاقتها بالأجهزة المركزية. ولئن كانت مشكلة الأمطار تضرر منها البعض، فإن هناك مشكلات اقتصادية واجتماعية على درجة كبيرة من الأهمية، وإن كانت أقل وضوحا من التغيرات المناخية ، يلزم النظر إليها والتعامل معها بجدية وهي تتطلب حلولا ومعالجات محلية عبر هيئات محلية منتخبة. فلم يعد كافيا الاهتمام بتقديم الخدمات العامة من أجل الاستهلاك اليومي، وإنما الأهم هو تسخيرها للتنمية المحلية بنظرة مستقبلية لتجلب الاستثمارات للاقتصاد المحلي وتسهم في تنميته. الرياض العاصمة محظوظة بأمينها لأنه يعمل بكفاءة وفاعلية فيما يمكن وبإبداع وجرأة والبحث عن الجديد فيما وراء الممكن من أجل الرياض وأهلها. لم يرض الأمين إلا أن يكون أمينا بما تحمل هذه الكلمة من معنى فقدم الكثير من المشاريع المبدعة التي لم يكن مطالبا بتقديمها ولكنها المهنية العالية والإخلاص في العمل والفكر المستنير والدافعية نحو الإنجاز حتى صنع نموذجا للإدارة البلدية يقتدى بها في إدارة المدن، وما الجوائز التي حققتها الأمانة إلا دليل واضح على ذلك. الأمين يعمل من أجل الرياض فلنقف معه وندعمه في مطالبه بدلا من نقاشه فيما لا يملك وفيما لا نعلم.
سيول الرياض .. مركزية القرارد. ابو صلوح
الحوار الذي تم بين أمين منطقة الرياض والشيخ سلمان العودة في برنامجه ''الحياة كلمة'' حول سيول الرياض ينم عن أدب رفيع للنقاش ويعكس حالة من التحضر والشفافية والانفتاح. لقد شرفت بمعرفتي بالكريمين حق المعرفة, وكلا الفاضلين قمة في الخلق والعلم والتواضع وحب الناس، يشغلهما الهم العام وتحقيق المصلحة العامة وإن اختلفا، فهو في الطرح وتوقيته، والاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية، وكان ذلك واضحا في صراحة المداخلة بلطف، وسرعة الرد بتعقل, إلا أن البعض قرأ مداخلة الأمين قراءة خاطئة، خاصة أولئك الذين لديهم أحكام مسبقة ويرون الأمور من منظور عاطفي وميل شخصي دون موضوعية وحيادية. هناك من تأخذه الحماسة ليصطف مع الآخرين, همه الانتقاد وإظهار السلبيات والمسارعة في نشر الأخطاء، وليس البحث عن حلول ومعالجات. وها نحن نرى أن كثيرا من نقاشاتنا حول القضايا العامة، وقد تحولت إلى شخصنة ومهاترات وسجالات لا طائل من ورائها، تارة مبنية على معلومات مغلوطة وشائعات مغرضة وتارة على أساس أيدولوجي منغلق دون محاولة تفهم الوضع على حقيقته والبحث عن حلول تنفع الناس. المشكلات والأزمات ليست من نصيب مجتمع دون آخر لكن الفرق بين المجتمعات هو في قدراتها على إدارة الاختلاف واستخلاص العبر والدروس من التجربة والعمل على معالجتها. ومع ذلك نجد دولا كثيرة تصيبها الأزمات على حين غرة دون حول منها ولا قوة، فهذا إعصار تسونامي التهم كل شيء في لحظات لكنه ما زال حاضرا في الأذهان، وقد يقول قائل هذا في بلد نام لا يملك العدة والعتاد، إذا فما بال إعصار كاترينا الذي ضرب الجزء الجنوبي من الولايات المتحدة لتقف الحكومة الفيدرالية مكتوفة الأيدي تتهم بالإهمال وعدم أخذ الحيطة والإنذار المبكر، وهناك الكثير الذي حدث ويحدث وسيحدث في كل زاوية من زوايا هذا العالم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. هذا ليس من باب تبرير الخطأ بالخطأ أو التخفيف من وقع المشكلة، ولكن من باب القياس ليكون تقديرنا للأمور واقعيا، فالشخص منا لا يعرف أنه طويل أو قصير حتى يقف بجانب شخص آخر. لا أحد ينكر أن هناك أخطاء وقصورا، فنحن لسنا مجتمعا ملائكيا يعترينا ما يعتري المجتمعات الأخرى. كما أن هذه الأخطاء لم يحاول أحد إخفاءها أو التستر عليها، فهذا أمين منطقة الرياض وبحس المسؤولية الاجتماعية قبل الرسمية يسارع في توضيح ملابسات الحدث للإعلام والأسباب الحقيقية وتداعياتها.
هناك من يبحث عن توجيه النقد واللوم بمبرر أو دونه بقصد التقليل من جهد الآخرين والنيل منهم أو المزايدة على وطنيتهم أو حب الظهور والإعلان عن النفس. هؤلاء يرون النجاح في خسارة الآخرين فيفرحون لإخفاقاتهم ويحزنهم نجاحاتهم ولذا هم ينشغلون بالآخرين دون السعي في تطوير أنفسهم التي هي أساس الإصلاح الاجتماعي. ولو أن كل واحد منا اجتهد في دائرة تأثيره صغرت أم كبرت وانشغل في أداء مسؤولياته بكفاءة وفاعلية لكنا أقل حدة في طرحنا وأكثر تفهما للآخرين ولتولد لدينا رؤية مشتركة وترابط اجتماعي أكبر وتنمية اقتصادية أفضل. نحن جميعا نعيش في السفينة نفسها والعمل الحكومي هو في جوهرة عمل جماعي يحتاج إلى جهود الجميع ومن الخطأ اختزال المسؤولية في السلطة العامة، فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته. الأمانة عملت الكثير لسكان العاصمة، وقامت بأدوار كبيرة تعدت بكثير حيز مسؤولياتها بأسلوب إبداعي، وهي مشاريع يحسها وينعم بها كل من سكن الرياض وزارها. المشاريع لا تتوقف عند تقديم الخدمات البلدية الاعتيادية والاهتمام بالصحة العامة ونظافة المدينة وإقامة الأنشطة الترفيهية بل تجاوزها إلى التنمية الثقافية وإحداث نقلة نوعية في المجتمع المحلي وتناول قضاياه الجوهرية عبر المؤتمرات والندوات والفعاليات الثقافية. بل سعت إلى تطوير البنى التحتية بإصدار وتطبيق نظام الخدمات المتكاملة في جميع المخططات الجديدة. هذا كله كان كافيا أن يبني رصيدا عاطفيا لدى العموم وأن يسهم في تفهم الأزمة وملابساتها وحسن الظن بالأمانة في البحث جديا وبحيادية وبموضوعية عن الأسباب الحقيقية للمشكلة وتفاصيلها. لكن بعض التعليقات كانت سلبية وجارحة وكأن القوم يتحينون الفرصة للنيل من الأمانة التي بذلت الكثير من أجلهم. وهذه مفارقة عجيبة تؤكد أننا ما زلنا نركز على النقطة السوداء في الورقة البيضاء! أي أننا نهتم بإبراز السلبيات التي هي الاستثناء دون النظر إلى قائمة الإنجازات الطويلة والمتميزة.
السيول التي تعرضت لها الرياض ومن قبلها جدة ليست هي المشكلة في حد ذاتها، وإنما أسلوب إدارة المدن عبر قطاعات حكومية متعددة ومركزية وبيروقراطية شديدة، وليس هيئة محلية واحدة. إننا في حاجة إلى الموازنة بين مسؤوليات الأمانات (البلديات) والصلاحيات الممنوحة لها، وإعادة صياغة النظام الإداري والمالي العام ليكون أكثر مرونة وفاعلية واستجابة للمستجدات والتأسيس لنظام للإدارة المحلية يحدد أدوار الهيئات المحلية، ويوحد مرجعياتها ويحدد علاقتها بالأجهزة المركزية. ولئن كانت مشكلة الأمطار تضرر منها البعض، فإن هناك مشكلات اقتصادية واجتماعية على درجة كبيرة من الأهمية، وإن كانت أقل وضوحا من التغيرات المناخية ، يلزم النظر إليها والتعامل معها بجدية وهي تتطلب حلولا ومعالجات محلية عبر هيئات محلية منتخبة. فلم يعد كافيا الاهتمام بتقديم الخدمات العامة من أجل الاستهلاك اليومي، وإنما الأهم هو تسخيرها للتنمية المحلية بنظرة مستقبلية لتجلب الاستثمارات للاقتصاد المحلي وتسهم في تنميته. الرياض العاصمة محظوظة بأمينها لأنه يعمل بكفاءة وفاعلية فيما يمكن وبإبداع وجرأة والبحث عن الجديد فيما وراء الممكن من أجل الرياض وأهلها. لم يرض الأمين إلا أن يكون أمينا بما تحمل هذه الكلمة من معنى فقدم الكثير من المشاريع المبدعة التي لم يكن مطالبا بتقديمها ولكنها المهنية العالية والإخلاص في العمل والفكر المستنير والدافعية نحو الإنجاز حتى صنع نموذجا للإدارة البلدية يقتدى بها في إدارة المدن، وما الجوائز التي حققتها الأمانة إلا دليل واضح على ذلك. الأمين يعمل من أجل الرياض فلنقف معه وندعمه في مطالبه بدلا من نقاشه فيما لا يملك وفيما لا نعلم.
